الأحد، 19 ديسمبر 2021

الكاتبة دلال موسى تكتب... طفلة أيلول

 



طفلة أيلول ....


شِتاءٌ ...

تساقطُ أوراقٍ ...

نسيمٌ خريفيٌّ دافئ ...

لا ، رُبما بارد ...

أو لعله خليطٌ مِن الاثنين ... لست أدري ...


ها هو جِدارُ الليلِ يعلو ...

والحنينُ يرنو إليّ ...

إلى إبنةِ الخمسةِ أعوام ...

إلى صاحبةِ الفستان الأبيض القصير ...

والشعر الغجريّ الطويل المنثور ...

إلى طفلة أيلول...

إلى طفلة المنفى البعيد ...

إلى إبنة الجرد ...


كم يصعَبُ عليّ أن ألمح جنة الطفولة خالية

تقطنها روحي الهائمة ...

والتي على جُدرانِها نقش الزمن لحظاته ...

الحديقه عارية ...

وصوت الاطفال ما زال يهُزُ الأركان ...

ما زِلتُ أقتفي أثر النجوم باحثةً عن القمر ...

آهٍ كم فشِلتُ في نِسيانِ كَلمات الجدار ...

رُغمَ صمتِه ...

وكم وقفت فوق قبور الصغار ...

وكم خِفتُ أن تنبلج الشمس دون نهار ...


لا شيء يُشبِهني ولا أحد ...

فكُلما بنيتُ بيتاً تَهَدم ... أرضي خرابٌ ...

حتى الوقت ... يستغِلُ ضعفي لينهش ما تبقى ...

لستُ أتألم مِن صوت خُطايا ...

لكن الألم يُعشِشُ داخلي حين أتوقف ...


أحلامٌ كثيرة صارت جثثاً ...

موجعٌ أن يُداهِمَكَ شعور الغربةِ في وطنك ...

أن تكون مُجرد لاجئ مُهَجّر ...

آهٍ ... كم تذلني أيها الوطن ...

كم تجدلني بسياط عنجهيتك وتخلُفك ...

ألم يَحِن وقت إحياء الجثث بعد ؟ 

ربما لا ... ها أنت ترميني إلى قَعر عالم النسيان مجدداً ...

أصبحتُ طفلة غريقة في عالمٍ دون طفولة ...

أكنت المذنبة ؟ ... لست أدري ...


غادرني الليل ...

ها هي إبنة بيادر الحِنطة تلملم ما اختلج في الروح من ذكريات 

وتطوي أوراقها ككلِ ليلةٍ ...

ها هو نسيم السَحَر يمتزج مع رائحة التراب ...

لون السماء غريب ...

حتى درب النجوم اختفى ... 

كيف سأصل للقمر الآن ؟ ...

زائرٌ يقرعُ شرفة غرفتي ...

إنه النسيم ... يودعني قبل رحيله ...

لكنّ الغريب أنني ما زلت أجهل ...

أهو دافئ ... أم بارد ... لست أدري ....


دلال موسى

لبنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق