السبت، 16 يناير 2021

الشاعر حسام الدين فكري يكتب(المعركة)


 المعركة

شعر : حسام الدين فكري

**********************

كان النومُ أملاً زائفاً

في تلك الليلة المُتقلّبة

في عُروقي أسهُم ورماح

ورجال يرتدون خوذات ودروع

ورجال آخرون عُراة الرؤوس والصدور

بين الفريقين صمتٌ يتنفّس ويسير

وقلبٌ انشقّ كالقمر الكسير

وآهات ٌ ملأت السماء

تناهت من خيمةٍ بعيدةٍ

عن حلق أسير

ثُمّ جاء ثورٌ ضخم، كأنّما خُلِقَ في لحظته

في مُنتصف المسافة تماماً يقفُ

ما رأيتُ مثيلاً له من قبل

يزفرُ نيراناً من مُنخريه

يضربُ الأرض بحوافره، فتهتزُّ بدويٍّ هائلٍ

أدار رأسه جهة اليمين، وظلَّ ثابتاً كتمثال

رأيتُ الرُعبَ دُخاناً في أعيُن الجُنود

ثُمّ أدار رأسه جهة الشِمال، وظلَّ ثابتاً كتمثال

الجُنود في الجهة المُقابلة، أقدامهم تصطّكُ ببعضها

أعاد رأسه إلى هيئتها الأولى، ثُمّ رفعها نحو السماء

في لمح البصر، نَبَتَ له جناحان ذهبيان

اخترق بهما أجواز الفضاء !

حينها، بدأت المعركة

الكرُّ والفرُّ أثار حماسي

صليلُ السيوف لحن صاخب في أُذنيّ

اتّخذتُ لنفسي موقعاً فوق قمة الجبل

في يدي "كيس فشار" لم أعرف من أين جاء !

كُنتُ كمن يُشاهد مُباراة مُثيرة في "الُمصارعة الحُرّة"

أميلُ بقلبي لأصحاب الرؤوس والصُدور العارية

أصيحُ مُشجعّاً مع كُلّ رأس يطير

لكن الفريق الآخر كان ذا بأسٍ شديد

الغُبار يعلو..ويعلو

والأصوات تخفتُ..وتخفتُ

الغُبار يعلو..والأصوات تخفتُ

ثُمّ نَشَرَ السكونُ عباءته فوق كُلّ الرؤوس !

...............................

خَلَت الساحة تماماً من حفيف الهواء

حين انحسر الغُبارُ، تكوّمت الجُثث

في عُشوائيّة مُنّظمة، أيقظت حاجبيّ

تستطيعُ ان ترسم بينها خريطة العالم، بدقّة بالغة

لم يدّخر جُندي واحد رأسه فوق صدره

بعضُ الخُيول احتفظت بماء الحياة

بعضها الآخر زفر صهيله الأخير

ألقت الخُيول الناجية نظرة الوداع

على فُرسانها الذّين عَبَروا إلى الجهة الأُخرى

ثُمّ فرّت ذعراً في طُرُق مُتفرّقة

أدهشتني "حالة احتضان"، ألجمت لساني

لا ترِدُ على بال أساطين الخيال

ألفيتُ الجُثث ذات الخوذات والدروع

تحتضنُ رُفات عُراة الرؤوس والصُدور

وقف الموتُ يقرأ "كتاب العدل"

فوق آذان لم تعُد تسمع شيئاً

وكُ



نتُ أنا، بعد مئات القُرون

الشاهد الوحيد على المعركة !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق