‏إظهار الرسائل ذات التسميات روايات وقصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات روايات وقصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 9 أكتوبر 2020

الأديبة ليال أيوب تكتب .. (س.و.س) قصة قصيرة

(  س. و .س ‌)قصة قصيرة...
 سألت أمي التي لم تلدني :
مامعنى  س. و.س؟
اجابت :إنها شيفرة  يطلقها البحارة 
وقت الخطر (انقذوا انفسنا)
حين القى بي زوج أمي داراً
بعد استشهاد والدي وبذل روحه لسيدة الارض.
وحين اوشك قارب الحياة بالغرق
فاستجابت الأم الروحية لنا( نجاة)
هذبتنا على ابجدية الحب
في هذه القر ية الآمنة ،عشت مع تسعة اخوة كل واحد من رحم  تخاطرت أرواحنا منذ الصغر لعشق الضاد انا ومهيار،                        كنت أرسم في دفتري كل الملامح الدقيقة لأمي؛
حين انقادت لزوجها ذو القيم المتوارثة حد الملل..........               من أجل الرغيف
ارسمها كيف تكبر كل عام
وكيف يتماهى الياسمين بشعرها
وكيف ينحني ظهرها ، فأعينها بعكاز
يريح خطواتها المرهقة
ولم انسى نظارة قد رسمتها من دمع عيني ذات شتاء بارد ألمَّ بي
وكل سنة تمكث الافاعي المعكوفة على حاجبي زوجها ، اعرف انها تعيش يومياتها البليدة الفاترة والتي 
لاتليق  بأنثى عشقت ذاك النضال
مهيار وحده من أخبره ادق تفاصيلي
درسنا معاً في الجامعة وتزوجنا في السنة الأولى ، ببيت صغير يتأوه
من برده وبضع أصدقاء كانوا الحضور والشهود 
امسی الحزن مشروع دهري ،        حادة السدم  حين تخطر ببالي تلك الطفولة اليتيمة

قررت زيارة مدينتي الضفافية  وشمّ
ذاك الحضن الذي نفاني
لكن روح أمي روح الحقيقة التي تسكنها ستتشبث بي  وسأختلق لها الاعذار لأحيا بها وانهض من حطام الماضي ...
ثم أُميت تلك الذاكرة وأحيا لمهيار
بعد ساعات باركت زواجنا، ودموعها كالوسمي في اول تباشيره تعشقه الارض بعد خماسين
 
_  يا للذاكرة  المتقدة  التي لايطفأها النسيان
بات انيني  بطيء خافت
_برؤيتك حياة إني اشم ريح الصبّا
 اعتدلت قامة امي ، لكن إرث الذل والمشقة الذي يساورها عمراً غمزها بعينيه، مكشوف هو مثل بحيرة ضحلة يدعي انه السيد وهو العبد لنفسه الأمارة بالسوء.
وقبل ان تتأوه الشمس للمغيب
وبعد انقطاع المطر ، هددني حرمان آخر.
 اهدتني  موت حياتي بمدفأة صغيرة 
على الكاز ، 
بها أطفأت حرائق عمري ، وتمسكت 
بمهيار أكثر .
_الآن أفكر بك بكثير من الموضوعية
ومن نافذة الحافلة  تلاشت صور الطفولة ، الشارع عريض والسيارات
راكضة اسمع انفاسها متسارعة
الابنيةفي نموها الطبيعي تتفجر حياة رغماً عن كل شيء.
_ ساضمدُ جرحي واعودك اكثر حكمة
في المساء أشعلنا المدفاة   لتلك الليلة القارسة
اصبح للصمت طعم البوح 
طرحت خجلي جانباً
واعترفت اعتراف الاقوياء:
_أورقْ  في نسجي وخلاياي
_دلني كيف اتخلص من جدبي بخصبك لإنني امرأة مركبة  مثل صخور بركانية وأنت الشَغف للغوص في طبقاتي.
غرقنافي دفء نعاس، إلا ان لاح الفجر بصوت مؤذنيه
ساد الغرفة ضباب دامس فتحت الباب فشبت نار بها ضرم  في الغرفة 
 المخنوقة،صرخت خرجت بشفيف ثوبي
الى الجيران لإنقاذه
البستني الجارة قطعة سوداء  الى اليوم ترتديني ،بعد ان ألبسوه الابيض إثرَ احتراق.وكانه لحم على وضم ..
اتجهت الى ال. نجاة  لإنقاذ روحينا
و  ليتامى جدد.

(ليال أيوب )
دمشق سورية.

محمد حسينو يكتب .. حب ام خيانة ام احلام ..قصة

حب أم خيانةأم أحلام
 بقلم *محمد حسينو *

في يوم كئيب المنظر مكفهر الواقع هبطت من شقتي ممسكا بعصاي هاربا من النق والنقيق بين الام والاولاد
وصراخ وعويل الصغار فاليوم عطلة والكل مجتمعون ورائحة الطبخ تملأ الاجواء
تنفست الصعداء وكنت كطائر تحرر من شبكة الصياد
مشيت أتتلطع في وجوه الناس كأنه لي دهرا
لم أغادر الشقة 
ومشيت لاأدري إلى أين المسير ساقتني قدماي الى حديقة عامة على أطراف المدينة لأول مرة أراها
أغمضت عيوني وقلت في سري إن عصاي التي أتوكأ عليها سترشدني إلى مكان جلوسي
سرت يمينا ويسارا وهكذا دواليك حتى أرتطمت بشيء لدن مع كلمة أأأخ
فتحت عيوني لأرى إمرأة تفرك قصبة رجلها وتنظر إلي بعطف لأنها حسبتني أعمى
إعتذرت وطلبت موافقتها للجلوس على المقعد
فوافقت 
كانت تلبس أسودا وتتلف بخمار خمري مائلة للبياض تلبس نظارة طبية تحت عيونها سواد يدل على التعب وشدة تحمل 
تصورتها كوردة جورية مغلفة بالسولفان
فجلست ولكي أبرر الأصطدام بها حكيت لها ما حصل إبتسمت وقالت: حصل خير
شربت سكارتي الأولى والثانية دون حرف بيننا
كان معها جريدة تنظر اليها كل برهة وبعدها تسرح بتفكيرها لا أعلم إلى أين
بعدها قامت مستأذنة وكلمة وداع
في اليوم الثاني وبنفس الموعد لاحظت إني قد لبست ثيابي ونزلت إلى نفس الحديقة ونفس المقعد
طلبت الجلوس ووافقت فجلست وفتحت كتاب معي وصرت أقرأ به ومر حوالي اسبوع على نفس المنوال 
في يوم هطلت زخة مطر ففتحت مظلتي وطلبت منها الأقتراب لتفادي المطر
إقتربت وتلامس فخذينا عندها احسست برعشة كهربائية في جسدي لم احس مثلها في
حياتي وكأنها أكسير وترياق شفاء
توقف المطر وأستأذنت ومشت بعد السلام 
عدت ألى البيت ولاحظت إن مفاصلي خف فيها الألم وتيبس ظهري قد زال وأني افضل من قبل
وفي الغد رحت أبكر معي ترمس قهوة 
لقيتها في نفس مكانها صببت لها قهوة وقلت:
تفضلي يا وأدركت عفوا أنا أسمي محمد فما أسمك انت ابتسمت وقالت:
أنا لي ثلاثة أسماء الرسمي أميرة وفي البيت أمورة وبين المقربين ليلى
ابتسمت وقلت : إذن ليلى
من هنا كانت فاتحة الحديث كل حكى همومه ومشاكله وصعوبة هذه الأيام وكيف إن زوجها مريض بمرض لا شفاء منه وإن ذلك يجعله صعب المراس عصبي وسليط اللسان
وان هذه الفترة في الحديقة هي فسحة واستراحة مقاتل قبل النوبة الثانية
وتطورت صداقتنا وحواراتنا وكنا عندما نبرد نتصافح لندفأ
وفي أحد الأيام ونحن نتناقش أخرجت قلمي ودفتري وصرت أكتب سألتني:
 ماذا اكتب
قلت : أكتب خاطرة حتى لا أنساها
بعد أن إنتهيت  طلبت مني أن أقرأها لها
قلت اسمعي إذن:
أنت فقط حبيبتي
أنت حبي وغرامي
أنت اميرتي وهيامي
حبك أماتني ثم أحياني
في غرامك دابت أحزاني
ورحلت كل أمراضي
في عشق شفاهك مرامي
أنت الأولى التي كسرت أقفالي
والأخيرة لأنك مزقت دفاتر عناويني
في محرابك أبتهل وأصلي
أنت لا قبلك أو بعدك سيثير جنوني
ألا يكفيك إنك عقلي ووجداني
صاحت : يااااااااه هل أنا كذلك أبعد الخمسين أحب وأعشق لكنك غلبتني
اسمع إذن :
أنت من حررني من ألامي
أنت معه أنسى نفسي
أنت لك عيوني وأنفاسي
أنت بفضله  أورق خشبي القاسي
وارجعت الصبا والحياة لقلبي
ألا يكفيك بأنك لب عيوني

بعدها اصبحت قبلاتنا هي تلامس ايدينا
وبوح حبنا رقرقة عيوننا ومرت ايامنا في الشتاء كالربيع في وقته
وفي يوم لم تأت ثم الأخر لم تأت
مر أسبوع ثم أخر ثم شهر ثم شهر لم تأت
ولا زلت في الأنتظار
كأني كنت في دنيا الأحلام وعدت للواقع

8/10/2020
بقلم *محمد حسينو*سورية

عبد الإله ماهل يكتب .. صحفي في محنة ..رواية

الفصل الرابع من رواية "صحفي في محنة"

بلغ النبأ الى الزوجة، فنزل عليها كالصاعقة، كادت على اثره ان تفقد جنينها الذي لم يبقى له سوى الشهرين، ليكتمل ويعرف النور. 
حاولت مقاومة الالم، لكن الصدمة كانت اقوى؛ تجلدت واستعادت بالله.
حز في نفسها هذا المصاب، مصاب بعثر جميع الاوراق. تصادف يومه واجازتها السنوية، فلم تجد بدا من القنوت في بيتها، والاكتفاء بالهاتف؛ لعلها تصطاد خبره. 
ضاعت عليها العطلة السنوية، وضاع معها الاستجمام بين ادغال ذلك الوادي، وضاعت بين زحمة الاقارب والاصدقاء والوسطاء، وضاعت بين العرافين وقراء الفنجان.
 اوهمت صغيرها ان اباه في سفر؛ لترتاح من اسئلته، ولكنها سقطت في مغبة السؤال وضرورة الجواب. 
فلا الصحافة ارتاحت ولا اراحت؛ ضخمت الأمر وزادت في الطين بلة حتى غذا موضوع القبض عليه، واجهة الصفحات الاولى؛ فكان حديث كل لسان، طغا على واقع الاحداث، وانسى الناس حالهم من جفاف وبطالة ومحسوبية.
سخرت له الاقلام بسخاء على مختلف الشرائب، وتضاربت حوله الاقاويل حتى اصبح حبل المشنقة قاب قوسين او ادنى من عنقه.
وضعت راسها على الوسادة، واغمضت عينيها املا في النوم. تحرك الابن جانبا، ربتت عليه وجذبته بحنية الى صدرها؛ فاستسلم الى النوم العميق.
خفق الجنين في بطنها، فتلمست موقعه وابتسمت، ادارت وجهها فتصادفت والوسادة صامتة خالية.
 فحتى بالأمس القريب، كانت كلما تصيدت حركة ببطنها؛ الا واستعجلت زوجها، لتتملى بفرحته. 
انهمرت عيناها بالدموع، وبدت علامات الاستفهام تلقي بظلالها، وتقض مضجعها، ولا سبيل للتخلص منها؛ اللهم مداراتها الى ان يأتي الله بالفرج القريب.

تاليف: أ. عبدالاله ماهل
المغرب

موسى الشطري يكتب .. الياقوتة السوداء ..رواية

المقطع التاسع عشر
رواية ( الياقوتة السوداء )
موسى غافل الشطري

* * *
في بداية الاستعداد لإجراء مراسيم عرس شمران ، ألقي مبكرا في المساء ، و على عجل بالبسط و السجاد إلى الربعة ، في حين شرع خلف بفرشها تشاركه عدة أيدي .
أقدام تروح ، وأقدام تجيء . و تقّلت القهوة بالمقلاة ( مطقطقة ) بطرب ، وقد ضوّعت الأنـــوف برائحتها الزكية . ووضعت فــي الهاون . وراحت يدٌ تنقر:
- (دن..دن ترن..دن..ترن..دن دن...ترن).

* * *
جرت قدما سعده ، مثل القطـاة . من طرف الدار ، إلى الطرف الآخر . ألف ألــف شغــل ينتظرها . وألف ألـــف شغل لم تبدأه ، من وراء التحضيرات لعرس شمران . و لو كانت واحدة غـــــــيرها لكفرت بالحائط ، وقــــالت :
- ( تف على الحايط ) (17) طلعوا الدود الأخضر من عيوني ، قابل مثل قصة ( أبو الـﮜبان ) (18) يزرفون مؤخرته بعود شوك ، و يروح أطفال القرية يفرونه ويرددون ، وهو يرفرف بجناحيه من الألم :
( شلون أُمك ترﮜص بالعيد . ... شلون أُمك ترﮜص بالعيد ) .
مثل هذي الحياة ..تف عليها . أي .. نعم لكن سعده . و بعد أن تمعنت في حالها، تبين لها : أنها ليست من ذلك الصنف . سعده أريحيّة . سعده ولو ...سوده...لكنها مثل مسبحة اليسُر ، حجر كريم . هي مو أبو الكبان ، مزروف (الِتنّاحه)19 ، لكن هي أبو الكبّان بطاعتها .ومن اجل عمها الشيخ حرب وأخوه شمران .. .هيّ ما تنحرج ويكون حالها مثل حال أبو الكبان. شلون تستطيع مثيلتها أن تكون وفية ؟ وكيف هي ما تستطيع ؟ كيف استطاع خلف أن يكون مثل ما هو الآن؟
ألقت آخر سجادة من حضنها ، و وضعت يديها على خاصرتيها وقالت :
ــ آ..............خ . ما ظل عندي ظهر...
(شلون أمك ترﮜص بالعيد ..شلون أمك ترﮜص بالعيد) .
و اگول :
ــ (أَهّا ..وَ هّا..وَ هّا ).
وراحت تفر بعجزها وتكركر:
ــ لكن يكفل العباس أُبو فاضل .. لأعطيها حقها . أنا أختك يَخلف ، مطلوب مني ارفع راسك ، ويْمِدْحن بنات الحوش : و الله خير ما اختاريت يا خلف ، مثل هذي الحمامة السمره . ما لها مثيل . عاش اختيارك خلف .
ويوم الثاني يكولون :
ــ هاذي ألسمرة جوهرة.
واقتنعت سعده : أن شمران عند قدوم زوجته سوف يجزل عليها العطاء ، و يهديها مقابل تعبها هدايا ثمينة . ألا تستحق ذلك ؟ نعم تستحقه . وحينذاك يقول :
- ( إطلبي سعده ).
وتقول :
ــ ( ترﮁية عبيد ، وثوب ابـﮜـع ).
ويضحك بكل حيله .. ضحكته تساوي الدنيا . ثم تأخذ الثوب ، وتثقبه من قفاها ، حتى تبيّن عجيزتها تلمع ( هههههه)، كما فعلا والدا خلف ، بعرس الشيخ حرب ،وترقص مثلما رقصا، وضربا عجيزة بعجيزة ، وآنذاك أضْحَكا عمها الشيخ حرب من كل قلبه ، وتفتقت بطون الحاضرين . لكن سعده .. عندما أدركت : إنها يتعذر عليها أن تنجز ذلك ، أبعدت الموضوع برمته لكي تنصرف إلى طرادها في فناء الدار ، دون أن يتاح لها إن تهرش جلدة رأسها . وكان عليها أن تجفف إبطيها من عَـرَقٍ ينضح ، وتحسه يقطر باتجاه عارضتي أضلاعـــها الى خاصرتيها . فهناك أكثر من نداء من وسط البيت ، كان عليها أن تنجز ما يطلب منها بسرعة ، وهي تجري من مكان إلى آخر، دون كلل . واستدارت باتجاه صوت آمر من عمتها :
ـ اسرعي .
أسرعت مستعينة بتأرجح ردفيها إنها تحس باهتزازهما و قمتي مؤخرتها اللتان امتلأتا بعد زواجها كيف يقفزان للأعلى بشكل واضح و هي تهرول . و رددت صدرها لجملة احتفظت بها من تلاميذ المدينة :
ــ يس.. يم . يس.. يم .. يس ..يم .
* * *

بقية الأيام - عدا أيام التهيؤ لزواج شمران - تقضي سعده معظم وقتها في خدمة عمتها ( صفيّة) الحضرية ، أيام مكوثها في القرية. وهي التي تأخذ الأواني التي تخصها و تجليها على جرف النهر . مما يذكرها بنسوة المدينة وأبيها . ثم تحوي بالطست ما يتسخ من ملابس و فراش .التي تحتاج إلى تنظيفها على جرف النهر و تشرع بفركها بصابون ال ( سلّيت ) .ثم تجلب ماء الشرب من النهر لملئ الحِبْ وتفرغ ما يترشح في الناقوط (19) .
ما أن تنجز ذلك ، حتى تبدأ بكنس الغرف و المرافق التابعة لها، وترتيب المحتويات حسب توجيه عمتها الحضرية . و ما أن تنهي سعده كل شيء ، حتى تفكر الحضرية : بأي عمل تكلفها ؟ فتعطيها إناء مما تبقى من فضلات الأكل أو غيره لترسله بيدها لإحدى معارفها من الفلاحات اللاتي تعودن أن يخدمنها .
و بما أن سعده هي ابنة مدينة ، و تداخلت حياتها في أوقات ليست بالقصيرة ، في بيوت الأغنياء ، و بين نسوتهم ، اللواتي يرين الحياة على نحو أكثر بساطة . وأكثر انسجام ، وأكثر مجاملة و تواضع . لذلك رأت إن هذه الإلفة مع الحضرية هي أقرب إلى قلبها من الأخريات .
مع ان سعده ، في بداية الأمر، لا تجد كل ما ألفته من كامل سجايا بنات المدن لدى هذه المرأة ، فهي ذات طبيعة تتسم بقلة الكلام . لكنها أكثرهن اهتماماً بمعرفة تفاصيل ما يجري في البيت الكبير و القرية . إنها تود أن تعرف تفاصيل الحياة الجارية هنا ، دون أن تختلط بشريكاتهن من زوجها .
إن صفية و حتى هذا اليوم لم تلمّ بتفاصيل مقتل بدرية و انتحار أخيها . كانت قد شاهدت بدر مع شمران ، ذلك الفتى الهادئ الوسيم ، الذي كان من الخجل ما تشبهه هي بالفتاة الخجولة . عجبت كيف أقدم على قتل اخته و انتحر ؟ كان الأمر ، قد أصابها بالهلع ، و قررت أن تترك القرية و تعود للمدينة .
مع من تتداول الحضرية بما حدث آنذاك ؟ كانت ترسل على سعده و تقص لها تفاصيل ذلك الحدث المروع . لم يهدأ لها بال جراء ذلك الرعب الذي انتابها .
كانت الحضرية صفية عندما تريد أن تتحدث بأمر جسيم مثل هذا تستدعي سعده ، و تظل تتكلم و هي تبكي . لا تنسى أبداً ذلك الشاب الجميل الوديع . كيف أنجز مهمتين صعبتين ؟ قتل أخته .. و قتل نفسه .
بعض الأمور التي تخبرها عنها سعده ، تبدو و كأنها تسمعها لأول مرة . لذلك تحاول أن تجالسها وقت غياب الشيخ و تنبش كل شيء تعوزها الدراية عنه .
إنها لا تختلط قطعاً بربات البيت الكبير ، إلاّ إذا كان هناك ما يلزمها ، دون أن يترك لها عذراً . ولكي لا تظلمها سعده فليس كل بنات المدينة سواء ، ( فأصابع اليد ليست سواء ) .
يتبع