الأحد، 21 يونيو 2020

صفحة من تاريخ العرب شعر : حسام الدين فكري


****************
لم تشهد فيالق الرومان احتفالنا
بالطبع، فقد كُنّا نحتفل بالنصر عليهم !
لكننا في احتفالنا التالي
حين قطعنا دابر التتار
أجلسنا الرومان في مقدمة مقاعدنا
بالطبع، فقد صاروا من أصدقائنا !
هكذا نحنُ في جوف كُلّ مئة عامٍ
نجدُ أنفسنا في عداوة
سقطت علينا من السماء
أو نضعُ أيدينا في أيدي قومٍ
ونحنُ نحسبهم من الأصدقاء
فما أن ينقلبُ القرن، ويبدأ ما بعده
حتى تتغيّر الأمكنة وتتبدّل القلوب
فإذا الذي جرى الدمُ أنهاراً
ذات يومٍ، بيننا وبين قومه
قد ارتدى أفخر ثيابه وجلس في مجلسنا
وإذا الذي كان، بالأمس القريب، يجلسُ في مجلسنا
قد شقّ بخنجره نهر الدم بيننا
لا حال يبقى
لا شيء يدوم
لكننا تعلمنا من تجاربنا الطويلة
أن نترك أبوابنا بينَ بين
فكل صديق يراها مُفَتّحة
وكل عدوّ يراها مُغَلّقة
ونحنُ خلف أبوابنا ننتظر
كُنّا في ذلك العهد البعيد
نحترف قراءة الإشارات
وفكّ الطلاسم والأُحجيّات
كُنّا نرتابُ وننهضُ إلى سيوفنا
حين نرى أشجارنا تخلعُ أوراقها
في قلب الربيع
ثم نُلقي دروعنا ونشرب ضحكاتنا
حين نرى أشجارنا مُثمرة 
في قلب الخريف
الآن نحنُ في عهدٍ جديد
احترقت فيه كل أوراق فراستنا
وازدحمت فيه بأشجار العسل مضاجعنا
فصار أبناء روما يجلسون في مجالسنا
وأبناء هولاكو، يجلسون في مجالسنا
وأبناء العمّ سام وبوذا وكونفوشيوس
كُلّهم في مجالسنا مُكرمون
فوق بساط حفاوتنا العربية
كُلّ أبناء العالم يلهون
لكنّ أشجارنا باتت تخدعُنا
لا شيء فيها يدفعنا
لا شيء فيها يردعُنا
أشجارُنا في أرضنا علينا مُشهرة
أشجارُنا صارت – كل الوقت – مُثمرة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق