مقتطف من نصي بعنوان "البلاد الحمراء.."
في بلادي حتى العصافير تصدح بالسعال
العصافير تولد عجوزة
والفراشات تولد هرمة مصفرة
تكثر التجاعيد على اجنحتها الراعشة
وانا اشعر أن اضلعي واصابعي
وكل مافي كاغصان شجر الرمان
مثقلة بأزهارٍ كالأجراس المتعبة
بأزهارٍ من خثرات الدم
آه يا اقداح المجرمين
كم يسمع فيك من انسكاب
وكم يسمع لك من رنين
آه يا اجراس الكنائس
كم تشبيهن اليوم اقداحا حزينة للسماء
جامدةً مقلوبةَ
يصدعها الحنين
إلى ذلك النبيذ الأزرق
كل طرقات البلاد أضحت كجثة متفسخة
بين تلالٍ من قرائن الإجرام
كان بلاطها واحجارها تتشقق لتطل منها
رؤوسٌ صغيرة لزهر ٍ رضيع ٍ
يبحث عن حليب الشمس
كانت تتشقق لتطل منها
اطفال السنابل
كان اسفلت البلاد يفتح اجفانه
عن اعين خضراء ندية
لارضٍ مُولّهة بالشمس
كل طرقات البلاد كانت تسير
كأم بحلة جميلة داكنة
تمسك باطراف ثوبها
انامل خضراء لاتحصى
واليوم طرقات البلاد
مسمولة ٌ بآثار المجنزرات والمدافع
أجفانها تغص بملح البارود
وليست تبصر شيئا
من فرط غبشة الدماء
أرضنا أرض النايات
يا أيتها المدافع العاهرة
ذات الشفاه المتوهجة بالحمرة الفاقعة
مللنا أحلاماً حمراء
تركلنا عن أسرتنا
تتقيء يقظتنا
سماء بلادي أضحت عجوزاً
اضاعت عكاز الضوء
طرقات البلاد تشققت لها افواه
تصرخ..
افواه تحنيها الدماء
أرضي .. كل شيء فيها ذابل أصفر
جل البيوت فيها سُرادق للأسى
إلا البيوت السهرات الحمراء
تراها تغص بالضحكات
المال على ارضها
كاوراق الاشجار
في الحدائق حين الخريف
في البلاد الحمراء
الكل ينحني كي يمر
تحت سقف الرغيف
في البلاد الحمراء
كل شيء احمر الا الورد
الا وجنات اطفالنا
إلا التوت والتفاح والرمان
حتى ذاك الذي
كنا نقطفه في خلوات الليل
تحت شراشفنا
كل شيء متخثر
الطباشير
كراسات المدارس
الندى
الصدى
الفجر
السحر
دور القضاء
ووقع القدر
جبين الشمس
ووجه القمر
ضحكات الآباء
كلمات الفرح
الحناجر
شرايين العود
أصابع العازفين
لقيمات الجائعين
آه يا أرض الخثرات
آه يا أرض الحسرات.......