سأُرخي الحبلَ للغتي ، وأفُكُّ عقالَ الدَّمعِ ، وأبكي كما لم أبكِ من قبلُ ؛ لعلَّ النَّفسَ تهتزُّ ، تتزلزلُ ، ولعلَّ الرُّوحَ تُخرجُ أثقالها ؛ فما أوجع الأثقال التي تتزاحمُ بينَ جوانحِ الرُّوحِ وأساريرها ، وما أقلَّ الدّمع !
بيروت :
يا عروساً
تساقطَ شعرُها قبلَ ليلةِ الزَّفاف
يا دَماً تناثرَ كالمطرِ
كأوراقِ الشَّجرِ
كأشلاءِ الأطفال
من سرقَ أحلامَ طائرِ الفينيق
من كتبَ على صفحة البحرِ
هنا كانت مدينةٌ تُسمّى بيروت ..
بيروت :
أقفُ على ضفافِ الأفكار
أتأمَّلُ صورَ العُشَّاق
وأستعيدُ أوائلَ الأحلام
حينَ كانَ البحرُ ينحني لبيروت
ويغسلُ قدميها واليدين
وحينَ يزورها الثَّلج
كثوبِ الزَّفاف
ينصبُ الخِيام في فضائها
ويكتبُ بالأبيض :
هنا وُلدَ الشَّرق
هُنا كانَ الحرف ..
بيروت :
يا رمادَ التَّاريخ
يا أنقاض الحضارة والأبجديَّة
يا جداولَ النُّور
يا كلَّ الجهات
مَن أخرسَ صوتَ المآذن
مَن أسكتَ أجراسَ الكنائسِ
وأحلَّ سفكَ دمِ الخيول ؟
بيروت :
يا أوَّلَ نقشٍ في التَّاريخ
يا أوَّلَ ميلادٍ قبلَ الميلاد
يا أوَّلَ جهةٍ قبلَ أن تكونَ الجهات
يا أوَّلَ فصلٍ قبلَ أن تبدأَ الفصول
أيُّ يدٍ تلكَ التي اغتالت رأسَ التَّاريخ
في لحظةٍ لا تُشبهُ اللحظات ؟
بيروت :
دمُكِ لا يُشبهُ دَمَنا
دمُكِ من عصيرِ الجنةِ
من خمرِ الإله
من سحرِ الكتابِ
ودَمُنا غُبارٌ تحملهُ رياحُ الخيانات ..
د.ع7