الخميس، 13 أغسطس 2020

شاطىء الخيال / بقلم حسام الدين فكري


شاطىء الخيال
شعر : حسام الدين فكري
**************************
أسبحُ بلا دراية بالسباحة
تتقاذفني أمواجٌ تمتطي مُتون بعضها
في أحشائها أبدو وليداً معصوب العينين
لم يكتشف أبجديته بعد
في تلك اللحظات الوسطى
ما بين الصعود بالقصور الذاتي
والغوص في أعماق المياه المالحة
يلوحُ لي زورقٌ خشبيّ من بعيد
ويرسم لي خيالي، طوقاً للنجاة، يُرفرف بجناحين
ألقاهُ صاحب الزورق المُسنّ، بذراعيه النحيلتين
ورأسه الجرداء، وعينيه الغائرتين
أختطفُ الطوق اختطافاً، وأسبحُ نحو الشاطىء
يحتضنُني برماله الناعمة المُزغبة
استلقي بعض الوقت، ثم أستيقظُ فزعاً
أبحثُ عن هاتفي، فلا أجده
أحزنُ قليلاً، ثُمّ أضحك
فما كُنتُ لأجد "إشارة"، في شاطىءٍ مُقفرٍ كهذا !
وحيداً صِرتُ، مُنعزلاً، وضائعاً تماماً
لا شيء يلوحُ في الأُفُق
كان الزورق صورة في خيالي
لكني الآن على الشاطىء
كيف ؟!..لا أدري !
............................
يزحفُ الليلُ فوق صدري، فيؤنسني القمرُ
في أول الأمر، لم أُدرك من ثرثرته شيئاً
يفتحُ عينيه، ثُمّ يُغلقهما، في تتابعٍ مُستمر
يُرسلُ لي ما يُشبه "إشارات مورس"
الأيام طويلة، يركضُ بين ساعاتها المللُ
شيئاً فشيئاً، أتقنتُ "اللُغة القمرية" تماماً !
صار القمرُ، رفيقي الوحيد، يقرأُ لي "تقريراً يومياً"
عمّا جرى في شتى بقاع الأرضِ
عن الذين صعدوا، والذين هبطوا
والذين تاهوا في أنفاق الطول والعرض
وحين أدركنا، القمرُ وأنا
أن شجَر الأُلفة، قد أورق بيننا
رُحنا نتكاشف بكل شيء
يُخبرني هو، عن الغُيوم التي تؤرقه
تضعُ نفسها أمام وجهه، وتُغطّي عينيه !
وأُخبره أنا عن "غادة"
ضوءُ قلبي الوحيد، الذي لا أعرفُ الآن
كيف أعودُ إليه ؟!
والليلُ بيننا، ثالثُنا الحكيم
يواسينا تارة، ويضحكُ معنا تارة
ويغرقُ في صمته الأثير، تاراتِ أخرى !
كذا تمضي أيامي، في قبو الانتظار الطويل
أتقلّبُ بين شوكِ اليأسِ
ونسيمِ الرجاءِ العليل !
....................................
أعرفُ أن رسالتي، قد شقّت طريقها إليكم
أخبرني القمرُ، صديقي الوحيد، أن الأمواج
قد ألقتها تحت أعيُنكم
فلِمَ، حتى الآن، ما جاءني أحدٌ منكم ؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق