الاثنين، 1 فبراير 2021

الأديب والفنان محمد العودات يكتب ... عبثية المكان

عبثية المكان ...

ها هو يتجول في أرجاءِ دارهِ الخاليةِ من الأحلام .. يرممُ تمثال الجليدِ ، ينظرُ بحدةٍ الى النافذةِ كطائرٍ داخل قفص من نحاس .. المدينة تغطُ بسباتٍ عميق ، أضواءها وأصوات العبثِ في رأسهِ مسرحٌ لجريمةٍ وهمية اقترفتها يداهُ ، نَصٌ يمازجهُ الجنون . ( مهرج أمام المرآة يضعُ لمساتهِ الأخيرةِ ، يرسم ابتسامته البلهاء .. لاعبُ خفةٍ يقذف كراته الملونة في الهواء .. امرأة من زجاج تجلسُ وحيدة على مقعدها الخشبيّ ، تطالعُ مجلة أزياء فرنسية ) .
اضطجع على أريكته بعدما صنع ركوة بنٍ معتق بالأسئلةِ لليلتهِ الخرساء .. قال بصوت خفيضٍ أيها المنفيُّ خارج جسده فلتبدأ من جديد رحلتك الى المجهول . بحر بداخلي، غارقٌ أنا بأعماقهِ.. كلما حاولتُ الصعود الى الأعلى سحبني شيء ما خفيٌّ الى القاع .. أصارعُ ثِقل الماءِ و الذاكرة ، لا ذاكرةَ لي الا غبشٌ و نعيق غربان وحدتي .
( اكتظ المكان بالحضور ، عازف توحد مع نايهِ فصار شجرة لوز عارية .. طفل يلاحق قطةً .. شبحٌ يصعد سلما من الغيم الخفيف، مطر يتساقطُ، يرافقهُ غناء صبية من وراء الستارةِ ، رجالٌ عبروا من غير وجوه ، يسرون في الشارعِ مسرعين ) . 
أقف مشدوها على حفة الهاوية ، أرى شكلي الآخرُ على الجهةِ المقابلة .. يقول و لا أسمعهُ .. أنادي و أنادي ، أصرخُ باكياً بأعلى الصمت . 

محمد العودات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق