اليتم في مجتمعنا الشرقي .
النص مكتوب عن فتاةٍ اكتشفتْ للتو خيانةَ والدها و زواجَه من أخرى - بعنوان : اليُتم في مجتمعنا الشرقي - مقسم إلى ثلاث مقاطع : أولاً إنكار الفتاة ؛ والصدمة ، ثم محاولتها مواساة نفسها وتقبل الواقع ، إلى أن عادَتْ لتَتَذكرَ ما ربّاها عليه ولادها ، الذي بفعلَتِهِ هذه أصبح ميتاً بالنسبةِ لها .
• لماذا لا تهدئينْ ؟
جميعُ الآباء تموتُ قبل بناتها
سواء بالأربعين أو بالثمانينْ.
مابالكِ تهذينْ !
سيتزوجُ هذه الساقطة أو غيرها
حتى لو مرتِ السنينْ.
أحقاً كنتِ تصدقين!
ليستْ خيانةً وكل تلك الأقاويلْ ؟
لا بأس على قلبكِ الآن،
فلمَ لا تنسينْ ؟
والداً ضيَّع من يعولْ
كان كذباً كلما يقولْ
سيجلبُ طفلاً عليه يبولْ،
وفتاةٌ منها مع الشباب تجولْ.
ثم ستسمعي ذاك الصياحْ
بلوتُ نفسي بهذا النكاحْ.
يا ابنتي ماذا أصابني ذاك الصباحْ!
فضلتُ الحرامَ على ما هو مباحْ.
• عذراً حبيبتي....
عذراً لوجودكِ في مجمع شرقيْ
لولادتكِ من أبِ صبيْ
رئيسُ دائرةٍ في القرنِ الواحد والعشرينْ
توقِعُهُ فتاةٌ تجاوزتِ الثلاثينْ
فسلامٌ على روحكِ والسنينْ
التي دُهِسَتْ تحت أعتابِ جهلةِ الأربعينْ
انسي حبيبتي كلما رأيتيهْ ،
أمسكتِهِ ، تمنيت لبسَهُ ، ولم تشتريهْ
- لاتقلقي - غداً ترينَهُ عليها ؛
بمالِ والدكِ وما وَفَّرتِيهْ
وما زُرِعَ فيكِ من بردٍ ولمْ تُشْعِرِيهْ
غداً تُشْعَلُ المدفأةُ يا عزيزتي،
ويُصلِحُ فارس أحلامكِ الأول الكون "لأجل ساقطةٍ"
ويُفْنِيْ كونكِ داهساً على ما تخيلتيهْ.
أتذكُرِين ! كيف كان حلمكِ
لبس شيءٍ من الذهب ؛ حلق أو عقد ولم تمسكيهْ ؟
غداً يشتريه والدك ؛ لاتحزني سيشتري كلما تمنيتيهْ
ولكن لامرأة تغويهْ ..
سامحي عقلكِ يا حبيبتي
هذا قدركِ بكل مافيهْ
فدعينا ننسى كلَّما عانيتيهْ
كلُّ ما في الأمرِ أنّ والدكِ ؛
لم تعد عائلتُكِ تكفيهْ..
• الحبُ يا ابنتي خرافة ،
ولشباب هذه الأيام حرفة ،
فلا تتصرفي يوماً بسذاجة.
يا ابنتي ، لاتصدقي كل شابٍ لعوبْ
يتسلى ثم ذاك الحب يذوبْ.
لن أعطيكِ إلا لرجل كوالدك ،
يصونك ؛ فانظري إلى عائلتك ،
هل رأيتني يوماً أصافحُ حتى غير والدتك ؟
شكرا يا والدي،
كل شيء علمتني،
أريتني منك ما أريتني.
عذراً فقد سقطَتْ من عينيَ الرجالْ ،
عامانِ كذبْتَ عليّ أكثرَ من الدجالْ.
أحقاً لم تكن خيانة !
أأنتَ الجبانُ! أم ساقطتُكَ الجبانة ؟!
بدأتُ أشكُّ يا والدي بكلِّ كلامكْ
حيث خالفتَهُ بجميع أفعالكْ.
حتى الْقِبْلَة أكانتْ جهتُها كما قلتَ لي !!
أم أنَّك كنتَ تحاول أن تُديرَ وجهي !
أتذكرْ ؛ لايتزوج المرء فتاة لاغية ،
قبلَتْ بأن تحدِثَه أو تجلسَ معهُ لثانية.
يا أبي سيشكْ بها طوال العمرِ.
عشرينَ مرةً في الفانية.
..
وكما رخصَتْ بنفسِها معه ستخونُه مع غيره..
أتذكرُ كلامك أم ماتت فيك الغيرة ؟
عذراً يا والدي اختلت جميع المعاييرْ
فمن تنامُ مع متزوجٍ في السريرْ ؛
سيفرشُ لها الأرضَ ويُلبِسُها الحريرْ
ويأتي لها بالذهب والألماسْ،
ويرفعها بين الناسْ،
ويدهس عائلتهُ ،
وينفي أبناءهُ،
ويعيش معها سعادتهُ،
شيئاً فشيئاً سينسى خيانتهُ ،
و ستكون امرأتهُ ،
لكنْ ؛ ألمْ يفكرْ " كيف ستربي من تكون منها ابنتهُ " !!!
لا أعلم كيف ربيتني ،
ما كل تلك القصص التي أخبرتني!!!!
ظلمتَ شبابَ الجيلِ بقصصكَ ، وبأفعالكَ ظلمتني .
واليوم يا والدي طلبَ مني وصفُ اليتيم .
لكن من يمكنُهُ وصفُ ما وضعتَني به من جحيم !
المنظمات والمجتمعات وصفَتْ من يفقد أباه على أنه يتيم ، ومن يفقد أمه على أنه لطيم ، ماذا يصفني إذاً المجتمع يا والدي ! ، انتَ حي ميت ؛ اخترتَ أن تجعلني يتيمةً لتكون أباً لفتاةٍ أخرى سوف تُنْجِبُها تلك الساقطة -هدمتَ بيتي لتعمرَ بيتَها - أنا لمْ أخسرك من القدرِ ؛ أو من حربٍ أو من رصاصة ؛ خسرتُكَ جراء أنثى ؛ فلم تعدْ في عيني لا أباً ، ولا رجلاً .
هااااااا..أجل فهمتُ الآن ، الألم أكبرُ من أن يُحصَرَ في مجردِ كلمة ، فلم تعد تستوعِبْه كلُّ حروفِ الأبجدية.
أنتَ حالةٌ غير موجودةٍ في لغتِنا العربية يا أبي ، فلماذا مثلُكَ الكثيرُ في مجتمعنا الشرقي ؟
روزان حجواني
سوريا - حمص
التخصص : هندسة مدنية عامة
مواليد : ١٩٩٩