الخميس، 26 نوفمبر 2020

المبدعة ليال خير تكتب كش ملك




لَقد علمتهُ تجارُبَ الحَياة أن يكونَ حِصاناً أكثرُ حِكمة، وَورطتهُ بِأسئلة غامِضة، مُبهمة، أقلَقت وجودُه ودفعتهُ للتأملِ طويلاً في مَعنى الحياة على هذهِ الرُقعة، وهذا ما حَفزُّه وأضاءَ لهُ أفق حلمهُ الذي يَسعى إليه ..

ها قَد أنتقلَ إلى الأمامِ نقلةٌ مُميزة ، جَعلت خطوط العَدُو تَستفز جَميعها، وكانت عيونَ البيادِق مَشدوهة الى الحصانِ الشُجاع، وقلوبَهم ترقصُ نَشوةً وفخراً، فأستدار نَحوهم وشَرع يتحدث بلهجةٍ خطابيّة قَوية، عن الأخلاق القِتالية، وعن المبادِئ التي تَجعلهم جنودَ الرقعةِ السَاهرين على حِماية كل مُربع من مُربعات رُقعَتهم الغالية، والتَفاني في حِماية حُدودها. 

كان أسلوبهُ ساحرٌ إلا أن في صَوتهُ رائِحَة الدَّم ، الذي يُذكرنا بأرواحِ أجدادُنا الأبطال في زمانِ الحُروب الرُقعيّة الكُبرى .. 

يَبدو أن عَقل وزيرهُ المُدّبر ، قد أدركَ طُموحه، فأصدَر أوامر بِحمايتهِ 

فشعرَ بالثقةِ العارِمة تُكلّل خطواتِه، وبادرَ تحتَ مظلةِ الحِماية، الى قتلِ بَيدقٌ مُعادي حاول إعتراضِه، وشكّلَ بقتلهِ نقلةً الى الأمامِ، كانَت نقلةً نَوعية في كيانهِ أيضاً، حيثُ كان ذلكَ البَيدق الأسود، أول بَيدق رُقعي يَقتلهُ في حياتِه، شَعر بالقسوة تجتاحُ كيانِه وتجعلهُ يضع نصبَ عينهِ هدفهُ وبتصميمٌ لآ يُقهر 

وقفَ على مشارِف العالَم الجَديد الذي تفصلهُ عنهُ نَقلة

لم يَكتمل شعورُ عظمةِ المَوقف، حتى تَجرأ فيل العدّو الأسود الى إعلان هجومٍ مفاجئ، حيثُ سُمِعَ صوتهُ يَرعد في الفضاءِ  

(كِش مَلك) 

فَصدرت أوامرٌ لِلحصان بالوقوفِ في وجهِ العدو بسرعة

فأسَترق النظرِ لِلوراء، ليرى وزيرهَ الأبيض ينظرُ اليه، وعلى شفتيهِ إبتسامةٌ سَاخرة 

وقالَ في موتُك حمايةٌ لِملكنا وإحراز تقدمٌ لَنا ..ولآ تنسى لآ أزالُ علي قيدِ الحَياة أيها الحِصان الطَموح 

كانَ مُضطراً حسبَ قوانينِ الحَرب، الى الإمتثالِ للأوامرِ كفارس شُجاع

رنّت في إذنُه عِبارة الوَزير الآخيرة، مُعلنة وصولهُ الى الجَحيم

ساهَمت فرقةُ الجنود في إخلاءِ جثتهُ من ساحةِ المَعركة، كان مُثخناً بالجراحِ القاتِلة، وفي لحظاتِ الحَياة الاخيرة كانَ يَتطلع الى وجوهِ البيادِق ليخبرهُم حقيقةً واحِدة

لَم يُدركها إلا في هذهِ اللّحظةِ الفَضيعة، لقدّ تيقّنَ الآن وبعدَ فواتِ الآوان أن الآجدوى هي الإجابة الوَحيدة، وإن الطُموح هو أعتى أشكالِ العبوديّة في هذا العالم الشَطرنجي!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق