كأمٍّ لا تملكُ من الأولادِ سِوى وحيدها..
ترياقُ روحِها..ونبضُ قلبِها..يجري فيها مجرى الدَّمِ في عروقِها...هو ماؤُها وعذبُها..ظلُّها وظليلُها...خلُّها وخليلُها..حبيبُها الباقي وفلذَّة كبدِها...
تغارُ عليهِ من نسماتِ الهواء الّتي تداعبُ خصلات شعرهِ المبلَّلة...
تخافُ عليهِ من غبارِ الطَّلعِ في نهاراتِ آذار الدَّافئة...
تكلِّلُه بحبِّها وحنانِها...وتحتفظُ فيهِ سِرَّاً لنفسِها بعيداً عن البشريَّةِ...
ترى كلَّ ليلة شأنها ترتدي حُلَّة بيضاء..وتلوّحُ في الأفقِ بعيداً...تستيقظٌ فزِعةً وقد اعترى الخوفُ شغافَ قلبِها..
في كلِّ ليلةٍ تتجدَّدُ الرُّؤية ويكونُ هو أوَّل المهروَل إليهم في كلِّ صباح...
...تلك الليلة...
رأت أنَّ الأفقَ أطبقَ وما عاد أفقاً..
وما عادت تتردَّد الرؤيةُ...
وما عادت تهرولُ...
...هكذا أنا يا عزيزي...
كأمٍّ فقدت وحيدَها..وحيدُ قلبِها...وقد نضبَ سيلُ كلماتي وجفَّ حبري عن ترجمةِ الشُّعور...
ثلاثةُ أحرفٍ أبقت في داخلي ثلاثين ندبةٍ..وثلاثمئة مأساةٍ.. أتجرَّع كأسَ مرارتها كلّ يوم..لا يسعني وصف معاناتي بشكل كافٍ لتصل إليك...ترانيم ألمي الّتي أغفو على أوتارها...ونهاراتي البائسة التي لا تخلو من جنازة تشييع لدموعي إلى مثواها الأخير.
غابت ضحكتُي بغيابِ ذلك اليوم الحالك الذي لا شمس فيه...واكتشحَ السَّواد عالمي بعدما انطفأت أنوار عينيك الّتي تبعث فيَّ الأمل...
الشُّعور ذاته يتكرَّر كلَّ يوم..يستلُّ سيفه ليفتِّت ما بقيَ من بريقٍ في مُقلتيَّ..
الصّراع الدائم بين الشّعور واللَّاشعور..يجعلني أتلاشى كرمادٍ اشتدَّت به الرِّيح في يومٍ عاصفٍ...يتوارى عن الأنظار في غضون ثوانِ..
وبثمانٍ وعشرين حرفاً.. لا يسعني القول سوى أنَّني لا زلتُ أقتبسُ من ذكرياتك نوراً يضيءُ عتمة أيامي...
لا زالتْ ذكراك تواسيني...
يا صديق القلب..أوَ للقلب مواساة أكبر من هذه.. ؟!
أقفُ على شرفات الأملِ...أُغمضُ عينيَّ وأعيشُ فيكَ...عزائي الوحيد أنَّنا هُنا...تحتَ سماءٍ واحدة..لنا قمرٌ واحد ومطرٌ واحد...
لنا نبضٌ واحدٌ...وقلبٌ واحدٌ..وربّما تجمعنا أقدارُنا ذاتَ يومٍ..ويعزُّ على أحدنا الفراق...
#بقلم حنين_الحسن💚 _سوريا _
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق