ألم غير ملموس
كانت أخر محادثة لنا، كان يودعني بين ضلوعه، كطفلٍ يريد أمه، تبعثرهُ الدموع هُنا وهناك، ويرتشفُ كأس الخوف، فقد أكل الحُزنُ قلبهُ وعلقهُ بين الحياة والموت، ينظرُ يمنةً ويسرة، لم يكن يود النظر إلي، لكنه سرعان ما نظر لوجهي، وعلِقت نظراتهُ صوبي، كان مربوطاً بأسر التعبِ، يعمه غلالُ الحنين، لم يكن يريد افلات يدي، لكنهُ افلتها بموته، أصبح بدقيقةٍ وضُحاها بين جفونِ الكفن الأبيض، يُغطيهِ بعضٌ من التُراب، ارتعش جسدي بأكمله، ووقفتُ مُحقداً بهِ، كانت لحظةٌ غريبة، لستُ مُصدقاً لما جرى، كان الخوف من فقدانهِ شيءٌ رهيب، نظرتُ حولي وإذ بالجميع صامتون، لا يتحركون، يلبسون ثياباً لونه أسود ووجوههم شاحبه، غير قادرين على الحراك، أكانوا يعلمون أن الفُراقَ لعزيزٍ هّين؟
نهى سامي الدويري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق